لاجئة

حكاية لاجئة مغربية بكندا 3

تلك الحركة التي قام بها، عبد الله، زوج أختي، ليقول للجارة وخادمتها، أن انصرفا حتى لاتتورطا بالشهادة..!!

الشهادة على ماذا؟؟ على احتمال ذبح أختي لي، عندما التقطت سكين اللحم الكبيرة من مطبخ الأستوديو الصغير حيث كنت أقطن، كان على عبارة بضع أمتار قليلة، مربع المساحة، لاتفصل بين مرافقه جدران، عدا المرحاض  والحمام بدشّ واقف..
استوديو داخل إقامة الربيع رقم 2 بحي هرهورة على مقربة من ملتقى الطرق حيث يوجد مقر سرية الدرك الملكي.

عبثا، حاولت الجارة وخادمتها، رقم قوتهما الجسدية الواضحة، فكّ شعري من بين يدي أختي، سألتاهاواستحلفتاها بالله والرسول وكل العبارات الشعبية والإسلامية التي يمكن أن تجعل سيدة تنتمي لجماعة يقال عنها أنها تنظيم إسلامي مسالم وصوفي، تتراجع وتنتهي وترتد عن همجيتها.لكن بدون جدوى,,

همجيتها لم تقتصر على نتف شعري بوحشية مبالغ فيها، بل كانت تعضني في ذراعي وعلى وجهي، تخبط رأسي مع جدار الحمام وترفسني برجليها المنتعلة حذاء ذا كعب مكدس مطاطي تحت وابل من السب والقذف بأبشع السباب وأرخصه وأبذئه وأفحشه مما ينتبده أعتى الصعاليك وأفحش الفحشاء..

كل هذا وزوجها يشد يدي إلى الوراء مرددا بهستيرية وكراهية :

- شنو يسحاب لراسك أنت ؟؟ فاضحانا بالكتابة ودابا فالجرائد والمواقع؟؟
إيوا دابا هاهي زهور غادية تربيك وتقطع ليك الحس ياالفاسدة العاهرة..

زوج أختي دركي متطرف إسلامي أيضا، طالما تمت معاقبته إداريا بسبب اعتقال زوجته، التي هي أختي، من مقرات للجماعة كلما داهمتها القوات الأمنية .

هربت الجارة وخادمتها، أغلق الباب وراءهما بإحكام،  حتى لاأفر من بين أيديهما المجرمة وحتى لايتدخل جيران آخرون من المتجمهرين بالخارج.. 

وحين حضرت أمي رفقة أختي الصغرى، المفوضة القضائية، عوض أن تثنيانهما عما يفعلانه بي، صارت أختي الصغرى، تلك التي حملتها على ظهري وأنا ابنة العشر سنوات، ربيتها في حجري، أطعمتها بيدي، تغلق فمي بيديها  بينما أمي تعينها لكتم صوتي، كلما صرخت ألما وطلبا للنجدة فلا يسمعني رجال الدرك الذين حضروا لعين المكان تحت تبليغ وإلحاح صديقتي ليلى..

هذا المشهد، أعيش على إيقاعه المرعب كل يوم وكل ليلة، منذ ذلك اليوم، بتاريخ السابع من يناير 2015، يوم الاعتداء الإرهابي على مقر شارلي إيبدو، أصبح كابوسي المزمن في منامي وبقظتي، غصة بحياتي، ندبة روحي و الثعبان الذي يحفر في جذع شجرة عائلتي، تلك الحفرة الغائرة التي نخرت جذر هذه العائلة وأغصانها الطرية حتى أصابت جميع أفرادها، المسالمين منهم البعيدون، لم يسلم أحد من سموم التطرف والظلام الذي خيم على وجودنا منذ أدخله أخي الأكبر للبيت نهاية السبعينيات كفيروس عائلي امتد ليصيب اختي التي قاومته طويلا لتسقط في عدواه بداية التسعينيات وهي طالبة بشعبة الآداب الفرنسية بكلية الآداب جامعة محمد الخامس بالرباط.
هذه السيرة الموجعة، هي مشرط الذاكرة الحاد الذي يفتح جراحي دفعة واحدة لأكتشف أنها عصية على الاندمال والشفاء،  كما انفتحت أمام قاضي الهجرة حين إجاباتي عن أسئلته الدقيقة  والحارقة، بالدموع والجراح النازفة والكلمات الدامية..

إرسال تعليق

إرسال تعليق