لاجئة

سرديات ملحدة مغربية : بداية البدايات


السؤال الأول: كيف صرت ملحدة؟ 

سؤال ثقيل والجواب عنه أثقل منه، ها قد مرّ عمر طويل على اليوم الذي قررت فيه التوقف عن الإيمان بالله وبالإسلام وبكل الديانات، سماوية كانت أو وضعية، أن أنزع الحجاب وأغادر صفوف الجماعة الإسلامية التي وجدت نفسي مورطة في الانضمام لها، رغما عني،

خلال تلك الفترة، حين اتخذت قراري،في بدايات شبابي ونهاية المرحلة الثانوية من دراستي، كانت كلمة "ملحدة " أوكافرة أو خارجة عن الدين كلما وجهها لي أحد  أفراد أسرتي أو أصدقائي أو زملائي تجرحني دون أن أفهم السبب، 

كلما تقدمت بالسن وخضت التجارب بحلوها ومرها، اعتدت الأمرمتيقنة أني لم أخلق للتدين ولتقبل أفكار المجتمع المغربي الذي ولدت وترعرعت فيه. تعاظم يقيني بذلك، عندما أحببت الفلسفة والسوسيولوجيا  ملتهمة كتب الأدب المغربي والغربي والعربي، انخرطت في صفوف الاتحاد الاشتراكي طالبة بالسنة الثالثة من الإجازة بشعبة علم  الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط, درست لدى أساتذة ملتزمين سياسيا: حقوقيا ونقابيا، أذكر من بينهم : الأستاذ محمد جسوس ومحمد سبيلا وادريس بنسعيد وعلي أومليل ورحمة بورقية وكمال عبد اللطيف ومحمد عزيز الحبابي وأحمد السطاتي ومحمد عابد الجابري وغيرها من الأسماء التي لمعت في سماء حياتي الفكرية التي أطفأ أضواءها هيمنة الفكر الديني الخرافي..

 أصبحت صفة ملحدة وكافرة وسام شرف أعتز به، ميزة ورمز شجاعة أحملها فوق صدري مهما كلفني الأمر من معاناة وعذاب وحكرة واضطهاد وظلم من طرف أسرتي وأصدقائي وصديقاتي وزوجي الأول والثاني وعائلتيهما وابنتي وزملائي وزميلاتي وتلامذتي وقرائي على فايسبوك وإلى يومنا هذا، تحولت لمحاربة ضد جيوش الجهل والتطرف والرجعية، على الأقل هكذا أرى نفسي، و‘ن اعتبرني العموم مجرد فاسقة عربيدة أو عاهرة زنديقة لاتستحق سوى خنق صوتها ورميه للعدم, 

 اليوم، أسرد حكايتي كاملة، حاملة صفة لاجئة مغربية بكندا, أستعرض سيرة هذا الإلحاد، كيف تحولت حياتي كملحدة رافضة لقوانين بلدي ضاربة بعرض الحائط أعراف المجتمع ثائرة على قاعدة السكوت وتجنب الجهر بالرأي، أحكي كيف تحولت حياتي  إلى عذاب وحيف وقهر مستمر من أقرب الأقارب إلى أبعد الأباعد.

هي حكايتي الأليمة والغريبة، لاأسردها لأظل في قفص الضحية أو المتهمة بقدر ما أنشرها عبر أجزاء، أقتطعها من ذاكرة الجرح وحاضر الألم والغربة والحنينن، من موقع المؤمنة بقضيتها التي هي قضية ملايين النساء اللادينيات والذكور اللادينيين ببلدان حيث مال الحكم السياسي يستبد بحياة الناس ويتحكم بمصائرهم باسم الإسلام..

  هنا، أتطرق لتفاصيل الطفولة الغابرة والصغيرة الغرائبية، منذ سقوط رأسي بحي صفيحي بيعقوب المنصور بالرباط  إلى سقوط معنى الوطن وأنا أغادر المغرب كسيرة مقهورة نحو كندا لطلب اللجوء, أنا المرأة  التي جاوزت الخمسين سنة، تقرر الرحيل مرغمة بسبب الاضطهاد والعنف والظلم لأني اخترت التعبير بحرية ودون قيود عن اختلافي ورفضي للطابوهات  بالكتابة على صفحتي بالفايسبوك..

الدبو_الرباط 1983


 

 

 

 

 


إرسال تعليق

إرسال تعليق