لاجئة

أنا ملحدة، شكرا لك للدعوة.

 


قبل قليل، في طريق عودتي للبيت، الوقت بين الخامسة والسادسة مساء، الظلام عمّ المدينة، الأضواء مشتعلة تزيدها توهجا بقايا زينة أعياد المسيح بواجهات المحلات والدور والمؤسسات الخاصة والعمومية..

تجاوزت مرتفع شارع" كوط دينيج" صعودًا ، على الضفة اليمنى، بدأت أرى المارين أمامي، سواء الذاهبين في اتجاهين أو المقابلين، يلتفتون كلما قاربوا شخصا يسير في نفس اتجاهي، يبدو أنه يقول لهم شيئا ما، يحاول أن يستوقفهم دون أن يتوقف هو، يمشي ببطء يداه داخل جيب معطفه..
عندما اقتربت منه، سوف أعرف السبب..
لم يكن لوحده، كان يسير إلى جانب رفيق له، كان وحده من يحاول إثارة العابرين، استدار نحوي ليحدثني بدوري كما حدث الذين ين من قبلي…
ياااه، كم هو وسيم وأنيق وساحر هذا الفتى الذي لن يتجاوز عمره، في الغالب الخامسة والعشرون، طويل، رشيق، جسد رياضي، عينان خضراوان كغابة استوائية، على رأسه " بيرية "بلون فاتح، ذكرتني ببيرية " أوليفر تويست" في رائعة شارل ديكنز، ملابسه أنيقة وكأنه ذاهب مساء هذا السبت لموعد غرامي..
في الحقيقة، لم يكن ذاهبا، رفقة صديقه لقضاء ليلة سبت ماجنة وصاخبة، لقد متوجهين نحو الكنيسة المقابلة لمحطة الميطرو.
كيف عرفت ذلك؟
لقد استدار الشاب الذي يشبه الموديلات على صفحات أغلفة مجلة رالف لورين للأناقة الرجالية، بادرني قائلا بإنجليزية غير أمريكية:
- Hi Madame, would come with us to the church ?
أهلا، سيدتي، هل تودين الذهاب معنا للكنيسة ؟
تطلب مني الأمر وقتا، لأفصل فيه بين هيئة الشاب الفاتنة وبين دعوته لي، ولكن سبقوني بمرافقته للكنيسة، لاتبدو عليه أي آثار للخبل، أي نعم، لايبدو سعيدا ولا قلقا، غير أنه يظهر إلحاحه، بينما زميله لايهتم للأمر، مستمرا في المشي إلى جانبه دون التفات، حتى سمعا جوابي، فاستدار ، بينما عبست العيون الخضر قليلا في وجهي وضاقت :
-I don’t believe in any god in this world, I’m an atheist, thanks for inviting me !!
- أنا لاأومن بأي أله في هذا العالم، أنا ملحدة، شكرا لك للدعوة.
غمغم الشاب الأشقر الوسيم بكلمات لم أفهمها، توقف قليلا، تبادل مع صاحبه كلامًا وهما يراقباني أعبر نحو الجهة الأخرى من الشارع في اتجاه بيتي..



إرسال تعليق

إرسال تعليق