لاجئة

اللوسة القاتلة

 



لم أصادف أمرأة أشقى مني بسبب "لوايساتها" 

اللوسة: أخت الزوج، كلمة مشتقة من الأمازيغية.

ولأني تزوجت مرتين وتطلقت كذلك، وفي كلا الجبهتين، كنت دوما، محاربة بلا سلاح ولاعدة أو عتاد، كانت أخوات زوجي الأول ضد استكمال دراستي، وهن اللواتي لم تلجن المدارس أو حرمن منها، بسبب جهل الآباء ودفعهن للخدمة بالبيوت أو الزواج المبكر، وكان علي أن أستحمل، وأنا الزوجة الطالبة الغضة، تبعات حروبهن الانتقامية، لا لشيء، سوى لأني اخترت، في المرتين، الزوج الخطأ. 


أصبحت، مع مرور الزمن، أنفي عن نفسي قناعة الاختيار، لقد كان ثمة شروط آنية وضغوط ذاتية وأسرية، دفعتني للارتماء في أحضان الزوج الأول والثاني، فكنت كالمستجير من الحر بالرمضاء، أهرب من الحافة لأسقط في البئر، زوجي الأول كان عديم الشخصية، أبو أذينة أمام أخواته وأمه وأبيه وحتى إخوته الذكور، ولذا فقد تحولت حياتي معه، إضافة للفارق في المستوى الدراسي، إلى ساحة معركة مفتوحة، تكون فيها الغلبة، دوما، لصالح "اللوايسات"، كتلك المرة التي أقنعته أخته الكبرى، بالاستيلاء على كل وثائقي الشخصية لمنعي من اجتياز امتحانات السنة الثالثة من الإجازة، مما اضطرني لاستخراج تصريح لدى البوليس بضياع أوراقي، واجتياز الامتحانات به، تحت الحراسة المشددة لوالدي الذي كان يقلني بسيارته ذهابا وإيابا إلى الكلية، مرفوقا بوالدتي وكأنهما ارسان شخصيان، مخافة أن يأتي زوجي أو أحد "لوايسي "للاعتداء علي أمام باب الكلية.. 


هناك الكثير من التفاصيل الموجعة،  لكنها بليدة، لاتزال عالقة بذاكرتي، لاتمنحي وكأنني عشتها البارحة، ورغم إعلان حالة السلم القصوى بيننا، بعد كل هذا العمر، وتحولنا لعائلة واحدة، يسود الاحترام بينها، لكن ذكرياتي عن هذه الحقبة، لن تنمحي، وكأنها أعطاب حرب بادية، لاتنوب عنها النياشين والأوسمة والتعويضات، مايجرح النفس زمن الحرب، يبقى موشوما للأبد كوشم أمازيغي على ذقن وجبهة جدتي... 

ولم تكن ساحة المعركة، بأخف منها، مع لوايسات زوجي الثاني، فقد كن كتيبة، لوحدهن، رغم الشخصية القوية والمناضلة واليسارية لأخيهن، أي زوجي، فإن حياتي لم تسلم من بطشهن، والحقيقة، أن واحدة منهن، هي الأشد والأقوى تأثيرا، وأكثره مباشرة على حياتي، فقد كانت هذه اللوسة، هي الأقرب لأخيها وأكثر أخواتها دلالا عليه، لم يكن ليرفض لها طلبا، كأن يشركها في ملكية عقاره الذي حرمني منه، وأن يتباهى بتحررها الزائف  وطيشها وسيطرتها على زوجها وأهله، مقابل إحكام قبضته على حريتي ولباسي وتنقلاتي وعلاقتي بأصدقائي وزملائي ورفاقي في النضال..حتى بلغ به الأمر أن فرض علي تبني ابنيها بدلا عنها وعن زوجها، ليحلو لها العيش حرة طليقة، ثم تطلقت، واشترت زوجا من أمريكا، بمساعدة عشيقها، لذهب لأمريكا وأظل خادمة لابنيها، وإن شكوت، يواجهني الزوج المناضل بالعبارة التي أسقطت من عيني كل احترام له :" لاماعجبك الحال خرجي قودي" 


تلك بعض الإشعاعات من حروب اللوايسات، أصابتني من قنابلهن المدمرة التي لايزال عطبها حاضرا بذاكرة الجلد والقلب، لم ولن تختفي، سوى بتعريتها للعالم طلبا للنسيان..

إرسال تعليق

إرسال تعليق