لاجئة

الهوية المغربية القاتلة

 





هذا بالضبط، هو مايميز هوية كل أحد: مركبة، فريدة، غير قابلة للتعويض ولاتتمازج بأية هوية أخرى"

أمين معلوف- الهويات القاتلة

كلما قابلت، هنا، مهاجرا أو مهاجرة مغربية، إلاّ وتحدث لي عن بلده الثاني، كندا، بصيغة الغائب، وكأنه لاينتمي إليه،  في لحظة، ينافي كل شيء : إقامته الطويلة والدائمة به،  حصوله على المواطنة والجنسية، إنجابه لأبنائه فوق أرضه، اندماجه في العمل والحياة ونمط العيش..

عندما يحدثني أحدهم، بتلك الصيغة، أحس بأنه/ها يعيش داخل هويتين متضاربتين غير متعايشتين.

لأن التضارب يظهر من خلال نفي الهوية الآنية والفعلية والفاعلية، وجعلها غائبا منفيا، آخر غير مدمج في الأنا..

أتساءل، أحيانا، وأنا أرى كثيرا من أصدقائي، لايستعملون أبدًا ضمير الجمع المتكلم، عن لغز الأمر في الخطاب، عن درجة اللاوعي في اللغة الثانية التي يتكلم بها مهاجر يرفض انتماءه لوطن صار ينتمي إليه بالقوة والفعل..

ربما هو ليس تضاربا وصراعا بقدر ماهو ازدواجية تلاعب الوعي عبر أدوات اللغة.

لذا، أساءل نفسي، هل يتم ذلك، فقط معي، بصفتي قادمة جديدة، فيقوم المخاطِب بالتماهي اللاواعي مع هويته الغائبة أو المغيبة، قسرا، فينفي انتماءه للهوية المقيم فيها ويتشبث ، في حضوري، بالهوية المقيمة فيه، أم أن بنية اللغة هي نفسها عند جميع المهاجرين؟؟؟.

لم يحدث أن سمعت، يوما، مغربيا أو مغربية، يقول لي مثلا، جملا كهذه :

- نحن الكنديون سوف نصوت على الحزب الليبيرالي في الانتخابات القادمة.

أو مثلا

- نحن الكنديات سنحيي العيد الوطني، السنة المقبلة بإقامة  حفلات موسيقية بالحديقة الكبرى  لحيّنا.

أو حتى جملة من قبيل :

- صديقتي، مرحبا بك في بلدنا كندا، نحن  رهن إشارتك..

لديّ صديقات وأصدقاء رائعون جدا، هنا، وبكل مقاطعات كندا، بفضلهن وفضلهم، تيسرت صعوبات وتدللت عراقيل وتحققت أهداف في حياتي القصيرة  فوق أرض هذا البلد الفسيح.

غير أنهم، جميعا، يستعملون نفس درجة الحضور/الغياب للهوية الثانية، ونحن نعلم ، طبعا، أن الأمر غير مقصود بل غير واعٍٍ.



إرسال تعليق

إرسال تعليق