الصحراوي

واندا، أنوك وإلهام ملائكة هولندية تسقي الصحراء

 كلما حلت ذكرى اليوم العالمي للأرض، إلا وعَبَرَت صورة الملائكة الهولنديات الثلاث، شاشة ذاكرتي الصحراوية٠

واندا، أنوك وإلهام، عراقية الجذور.

ثلاث ملائكة هولنديات، جئن إلى امحاميد الغزلان بعد وصولي بأيام، لم أحلم يوما بالتقاء الملائكة فوق الأرض، كنت مكتفية بهنّ في النوم.

جاء هذا الموعد، كنت أسمع عنهن كثيرا من أصدقائي الصحراويين، ورأيت بعضا من آثار مايفعلن، حتى قدر لي، أن أعرف أن الملائكة قد تركب الطائرة من هولندا نحو الصحراء...

ثلاث نساء، مايجمع بينهنّ عدا كونهن جميلات كمطلع شمس، لطيفات كفراشات ربيعية، هو حبهن للصحراء وأهلها خصوصا شراكتهن مع أحد أبرز الفاعلين الجمعويين بامحاميد الغزلان، واحد من أبناء أسرة السباعي.

يوحدهن حبهن للبيئة الصحراوية بمعناه الإنساني والأخلاقي النبيل، مايلاقي بين وجودهن، هو مؤسسة "جذور الصحراء" التي أسستها "واندا" مع زوجها وأولادهما، يصرفون من مالهم الخاص، على عملية تشجير محاميد الغزلان، وتعليم "الأولاد" كما تنطقها بعربيتها الفصيحة الرنانة كقصيدة نزارية غناها القيصر كاظم الساهر..

الأولاد، هم الأطفال، تلاميذ وتلميذات لمحاميد، يتعلمون من هؤلاء الثلاثي الملائكي، أن زرع شجرة، معناه الحفاظ على روح الواحة، وحماية التربة من الانجراف ومحاربة الثلوت،...

كنت، بدوري، طفلة وسط كل تلك الحشود من الأطفال، بعيونهم الجميلة المفتوحة والبراقة كأمل بعيد لكنه مشرق وممكن، كنت أستمتع بالموسيقى التي تخرج من فم "واندا" الوردي، السيدة التي ترتدي الألوان كما ترتدي الأرض حللها في الفصول، إنجليزيتها موسيقى، وعربيتها المبتدئة دغدغة جميلة لمشاعر الاعتزاز بالهوية المغربية والانتماء الصحراوي المتجذر في قلبها الكبير،.

كانت واندا تشرح وهي تزرع شتلات للأشجار، عبر تقنية "الواتربوكس" وكانت صديقتها العراقية، بعطرها البابلي، وشعرها الأسود الملكي، وأقراطها الملونة كحلوى الأعياد، تترجم بعربية دارجة مغربية في أغلبها، وكيف لاتتكلمها بطلاقة، وهي التي دأبت على تخليد اليوم العالمي للأرض، مع زميلاتها، هناك بالمغرب، يأتين محملات بثقل المعدات، يستسهلن ويتحملن ثقلا أكبر، سببه تعقيدات إدارة مطار محمد الخامس...

في يومين، كان العمل والفرح ونقل المعرفة، كان التبادل وكانت روح الإنسانية كما علمها للهولنديين وللعالم، إراسموس العظيم..
كنت كلما، أوغلت في تأمل كل هذا الصفاء والحب، الذي يكسر شوكة الاختلاف والتعصب، ويقرب العالم من بعضه ضدا في المسافات وفي بدعة الحضارة، أيقنت أن لهؤلاء الأطفال الصحراويين، سوف أنتمي وننتمي جميعا، فمن يغرس شجرة بيده وسط الصحراء، كمن يفقأ عين الشر في وجه هذا الزمن الصعب .

ماوقع، بعد ذلك، أن زاكورة رمت بي في فم وحوش الظلام ثم احتفظت بالملائكة الهولنديات، غير عابئة بحبي المجوسي النرجسي لها ولجوئي لها هربا من وحوش العاصمة.





إرسال تعليق

إرسال تعليق