الصحراوي

الصحراوي والموت : الجزء 7

 





الصحراوي والموت الجزء 7

وصل الصحراوي إلى مدينة " ميلوز " شرق فرنسا عند سفوح مرتفعات الألزاس، شهرا قبل وفاة أخيه غرقا بالوادي اللعين.


ساعدته " بريجيت" الفرنسية في الحصول على جواز السفر المغربي لأول مرة، بفضل علاقاتها الواسعة الممتدة عبر دواليب وزارة الداخلية المغربية ، بكل مدن الجنوب الشرقي وجماعاته النائية.

وأما التأشيرة، فلم تكن صعبة، دعوة ضيافة مفتوحة من ثرية سبعينية تمتلك معرضا لسيارات البوكاتي  ورثتها عن زوجها السويسري.

وصل الصحراوي للمطار، في عز طراوة الصيف الفرنسي، منطلقا من قريته الجافة الجرداء عند مشارف أسرير، بالراشيدية، حيث يجف نبع الماء اليتيم بالقرية وتهجم العقارب وتنفق رؤوس الماعز، بينما الأطفال والشباب الذكور يغطسون أجسادهم الرقيقة المحروقة بأشعة شمس لاترحم، في مصب وادي درعة، حينما تعطف شركة المياه لتترك مياه سد المنصور الذهبي تغمر الوادي العطش..


استقل طائرة الخطوط الملكية المغربية من مراكش وصولًا  إلى بوردو، حيث وجد " حبيبته" الشقراء في انتظاره بالمطار رفقة كلبيها  الهاسكي  " رينو" والبيرجي الألماني " فوكس" الذي سيسميه الصحراوي " مكتوب" عندما سيحمله معه عند عودته للمغرب، هدية من حبيبته الألزاسية..


كان شهرا واحدا يتيما من المتعة في حياته، هو الذي كُتِب عليه الشقاء، قضاه بين أحضان كل المتع الحسية بكل ألوانها ومذاقاتها وأصنافها،

 لم يكن ليتخيل، يوما، أن يكون جمال الضفة الشرقية لفرنسا بهذه الفتنة والإغراء.

فتنة للعين والأذن وكل الحواس، برعت بريجيت في جعلها سمفونية بديعة أمام عطشه لها وللمكان. وضعت برنامجا لهما، على مدى أشهر الصيف والخريف ، طالما قد اعتزما قضائهما معًا في ضيافتها ثم العودة معا للمغرب في ضيافته بالدار الكبيرة أو " الخيمة" كما يحب الصحراوي أن يقولها بزهو بادٍ وافتخار  جليّ نحو العدد الكبير لأفراد أسرته الممتدة من جد والدته إلى أصغر أبناء إخوته وأخواته


-كم هو عدد أفراد أسرتك ياحبيبي؟

- هاهاها ياله من سؤال مخيّر، ياغزالتي، أنا لاأعرف بالضبط، ربما تجاوز المائة !!!


تضحك بريجيت من جوابه، تخاصره، تعانقه، تختبيء في صدره العريض ، تذوب بين ذراعيه المفتولين من طول حفر الأرض وضرب الفؤوس والمعاول والحصاد وبناء البيوت بالطين والتبن.

يلين هو بغنجها ودلالها وطراوتها، أجل أجل، امرأة في السبعين وطرية كجبنة ” السيسكاس" الألزاسية..ينحني على شفتيها الورديتين يلتهمهما بشراهة الجوعان للحب..


يظلان هكذا،  ملتصقين كحلزونين تائهين في ملكوت القبل واللذة، يستفيقان من خدرهما على صوت الهاسكي " رينو" مطالبا بوجبته وحقه في مداعبة سيدته، بدا له هذا الأبنوسي المارد الغريب، منافسا له ولشريكه  الألماني " فوكس" في سيدتهما..

لم يستلطفاه في البداية، ثم سرعان ماصاروا أصدقاء بعد النزهات الطويلة بين المراتع الخضراء  الزاهية بجوار نهر  “ دولير " وممرات غابات الكالبتوس الكثيفة..

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. هاد الصحراوي خاصني نقلب عليه أعطينا شويا من هاد الزهر لي عندو هادا هو،.....المرزوق

    ردحذف