الصحراوي

كلثوم والعربي : كثير من العنف قليل من الحب

 



كثيرا ماحكى لي أصدقائي بزاكورة وآخرون بتامنوكالت وأكدز، حكايا غريبة ومثيرة عن "كلثوم" الرباطية، سيدة قصبة إتران. حتى المشتغلون بالسياحة، منهم من حكى لي الكثير، عن روعة شخصيتها وحسن خلقها ومهارتها وجودة تدبيرها لهذا النزل السياحي الجميل والفخم المسمى " قصبة إتران" 

لم أكن أصدق أحدًا منهم، كنت أعرف أن سكان الهامش، وإن كانوا أهل سياحة وفندقة ، وإن أظهروا انفتاحهم على العالم بأجمعه، يظلون منغلقين، كحبة قوق، حين تعلق الأمر بامرأة مغربية، تستثمر في عالم السياحة والفندقة والاستقبال، في وسط يسود فيه الرجال ويتسيدون 

 ذاك الصباح، ليته ماحلّ ولاحللتُ بباب إتران، دعاني أحد أصدقائي من المستثمرين السياحيين المحاميديين، إلى مشاركة الفطور أمام مسبح القصبة الفاتن المقابل لجبل كيسان وواحة النخيل، قبل ذهابي للعمل، عارضا علي توصيلي بسيارته، خاصة أن الزوج من  زيائنه الذين يتكلف بخدمتهم،  سوف ينامون متأخرين بعض الشيء، هذا الصباح.. 

قبلت الدعوة، خرجت من منزلي بدوار تامنوكالت،  ذهبت مشيا نحو القصبة، فالمسافة بضع أمتار فقط، وصلت باب الفندق، بالكاد أعبر المدخل، سمعت صوت زوج "كلثوم"  : العربي أيت القايد، ينهرها ويسبها ويقذفها بشتى النعوت والأوصاف البذيئة المهينة :

أصبت بصدمة، لم أفهم مايحدث، لم أسمع منها ردا عليه … بعد ذلك أخذت أذناي تلتقط صوتها، الذي يحاول ألا يكون مرتفعا، ربما هي تخاف وتراعي مشاعر الزبناء والعاملين، للست أدري، لم أفهم، لم أستوعب..أي صباح غريب هذا، كيف للقبح في سلوك هذا السكير الأرعن أن يجتمع بجمال هذا الصباح البهيج، وطراوة ورود مدخل القصبة وخفة سيدة المكان ونشاطها.

تلقفت أذني، ماتلقفته وكأن حجرا مجهولا رشق رأسي وشجه :

- وسيري يا الخانزة يالمريضة يالفاعلة يا التاركة راني عييت من كمارتك ووو

- أنا اللي عييت منك ومن وسخك يا الجرتيلة ووو

كنت مصعوقة، كمن لدغته عقرب وهو نائم، لم أستطع استيعاب الأمر، لم أفهم، لم أتقبل ماأسمع، رغما عني ..

تساءلت  وأنا أحبس خطواتي وأمنع نفسي من الولوج للداخل :

كيف تستطيع امرأة أن تدير هذا المكان الساحر والمنظم والمهندس بكل هذا هذا الجمال والانتعاش وهي تتعرض، منذ ساعات الصباح الأولى لهذا العنف من زوج  لايحترم فيها شيئا، بل لو كانت مجرد عاملة لديه، لما أسمعها ماسمعته منه هذا الصباح؟ 

كيف تستطيع هذه المرأة أن تتحمل هذا كله؟ 

هل لأجل أطفالهما؟ هل لكونه حفيد قايد من خونة الشعب وخدام السلاطين وعملاء فرنسا؟  ووريث العقار الذي توجد عليه قصبة إتران؟ 

هل بسبب الشراكة المالية؟ 

مهما كانت الأسباب والمبررات، فلاشيء يبرر إهدار الكرامة والعنف الرمزي والمادي والإهانة والتحقير..

اتصلت بصديقي، أخبرته أن يخرج هو إلي، اقترحت عليه تناول الفطور بمركز أكدز بأحد المقاهي…

- مالك علاش ياك لاباس؟ الفطور هنا بالقصبة ألذ وأنظف وأشهى؟

- لا لا صديقي، الفطور الأنيق وسط جمال المكان والمغموس في زيت هذا العنف، سوف يسممني بدل أن يغذيني..

هيا بنا للمركز..

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. شكرا على هذا البوح ، كتاباتك تسله الى حد ما روايات محمد شكري الريفي .

    ردحذف
  2. انت انسانة رائعة سيدتي.احترمك كثيرا♥️♥️

    ردحذف