الصحراوي

وقع الصحراوي في الحب وأسرت قلبه مليكة الأمازيغية البيضاء

الصحراوي، رجل مناضل بالفطرة، لأنه أمازيغي صحراوي من المغرب المهمش والمنسي.

جرب جميع المهن والحرف.

اشتغل بالسياحة والتجارة والبناء وسياقة الطاكسي  والرقص والغناء في الأعراس المحلية. بل امتهن حتى تعليم القرآن للأطفال بالمسيد..

وحين لم ينفع أي شيء، لضمان أجرة محترمة يصرف منها على والديه وإخوته العشرة، قرر استكمال شهادة الإجازة في الأدب العربي، وياللسخرية  !!! صحراوي أمازيغي يدرس الأدب العربي !!

عندما سألته لمَ اختار هذه الشعبة؟

أجابني متحسرا ساخرا :

- وهل هناك شعبة للأدب الأمازيغي ولم أدرس بها؟

حصل بسرعة على إجازته، قام ببحث حول أثر الأمازيغية في الأدب العربي الشفهي، نموذج الملحون المغربي.

لم يكن متحمسا لما يقوم به، بل اعتمد على الاستلهام مما نشر من قبل مع بعض النسخ واللصق، للحصول على " كارطونة" الشهادة كما كان يطلق عليها..

لم يجد أمامه، في نهاية التسعينيات، سوى منفذ التدريس، لينقذ نفسه وأسرته من الفقر والحاجة.

درس بمركز تكوين الأساتذة بمراكش، أساتذة الابتدائي، طبعا، سنة واحدة أو شبه سنة، لكثرة الإضرابات وتغيبات الأساتذة..

خلال هذه السنة، تعرف على زميلته مليكة.

مليكة كانت شابة أمازيغية أيضا، لكنها على خلافه، تنحدر من جبال الأطلس، من نواحي تغدوين.

بيضاء البشرة، حجلية العينين، لم يعرف لون شعرها لأنها كانت محجبة، كان يخمن بأنه كستنائي فاتح مثل  حاجبيها الكثيفين.

رقيقة، خجولة، متحفظة، تجلس في الغالب وحدها، لاصديقات لها أو رفاق..بالكاد تلقي السلام، كلما ولجت قاعات الدرس.

الصحراوي، كان بطبعه جريئا، فقد صقلته حرفة المرشد السياحي غير القانوني، كان يعرف كيف يجذب أكثر النساء خجلا أو تحفظا أو شراسة.

أعجبته مليكة، سقطت في قلب سواده الفاحم البراق كما تسقط نقطة حليب في كأس شوكولاطة غامقة. شهوته كانت غامقة ومظلمة، أيضا، فبقدر فحولته وانتصاب شهوته، بقدر ماكان يؤجلها بسبب التفكير في توفير كل درهم، من المنحة البئيسة التي يقتسمها مع والديه وإخوته الصغار بزاكورة.

حاول الصحراوي البحث عن طريقة فعالة لجذب مليكة نحو فراشه، هو لايفكر في الحب والارتباط والعشق والزواج، كل مايريده، أنثى متواطئة، يقضي منها وطره وتقضي وطرها منه،  بأقصى مايمكنه صرفه : طاجين دجاج رومي بالبطاطا والجلبان وقنينة خمر رخيص..

يبدو الأمر مستحيلا، لمن كان لايعرف خبايا النساء مثل الصحراوي، إذ كيف لفتاة محجبة، قادمة للتو من الجبل، خجولة ومنطوية حول نفسها،  لاتشارك في الوقفات والاضرابات والاحتجاجات والاعتصامات، ولاتوقع على العرائض ضد الأساتذة وإدارة المركز، ولاتمشي في ساحات مراكش تصرخ من أجل حقوق الأساتذة المتدربين، أن تفتح ساقيها له، أن تهبه جسدها الحليبي الذي تفوح منه عطور الورد البري والخزامى  و"أزوكني "، كيف يتخيل أن تنزع غطاء رأسها وتفك أزرار جلبابها وتزيل الجوارب من قدميها الصغيرين؟

لقد علمته خبرته وتجواله بمدن المغرب وقراه من أجل البحث عن لقمة عيش، بأن النساء ببلده، تظهرن عكس ماتخفين، وأن مجرد الحديث عن الحب والوعد بالزواج وتكوين أسرة، قادر على جرّ فتاة لسريره حتى ولو كانت وردة مغمضة لم يزرها الربيع بعد، وقد تكون منفتحة بل ومخترقة القلب والحواس والجسد، بسبب وعد حبيب سابق، بالدوار أو الثانوية، وعدها أيضا بالحب والإخلاص والزواج، أكل فاكهتها وشرب حليبها ولعق عسلها ثم اختفى في دروب الغدر والتحجج بالمستحيل



إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. رائع جدا هو أسلوبك...انسياب في السرد يشدني لألتهم كل كلمة وأنا أسرع للتي بعدها...موفقة عزيزتي

    ردحذف
  2. تحياتي رفيقتي احسنت و ابدعت مزيدا من التألق و الاستمرارية

    ردحذف