الصحراوي

الصحراوي بين موت أخته وشرف القبيلة المفترى عليه

 تلك الليلة المشؤومة، من ليالي صيف غشت القائظة، قتل العريس أخت الصحراوي، ليلة دخلتهما.

بعدما عاد في العطلة الصيفية من سنة تكوينه الأولى بمركز تكوين الأساتذة بمراكش، ساهم الصحراوي في الإعداد لعرس أخته تودا" كبرى أخواته البالغ عمرها خمسة عشر سنة على ابن عمهما البالغ خمسة وثلاثين سنة، متزوج وله أربعة أطفال أكبرهم ذكر في الثانية عشرة.

تودا، كانت تشبه عنقود بلح لم يكتمل نضجه على نخل وسط الواحة. سمراء، رشيقة، بعينين دعجاوين وسالف أسود وأطول من ليالي صيف زاكورة.. سمرتها الصحراوية المختلطة ببياض أمازيغي جبلي، جاءت من جانب والدتها العطاوية، من أيت عطا أعلى جبال صاغرو، بينما منحها والدها سمرة حراطنة قبيلة السماعلة بين تنزولين والنقوب. ولدت بين قبيلتين ولهجتين وراحلتين وبين فصلي الشتاء والربيع، وكأنها أرض صلح.

لماذا زوجوها وهي بالكاد بعمر البلح الأحمر؟

من قرر إخراجها من المدرسة، تمزيق وزرتها البيضاء، حرق محفظة ظهرها ورمي كتبها ودفاترها في النهر؟

هل هي حاجة والدهما الذي أنجب عشرة أطفال ثم توفي؟

هل هو جهل الأم التي تعتقد أن قيمة المرأة لاتأتي إلا من تحولها لجارية وخادمة في بيت زوجها وأهله؟

هل بسبب ذهابه للدراسة بمراكش وجريه وراء مؤخرات السائحات الجميلات الوحيدات وتعلقه بحب مليكة المتمنعة؟

لم يجد الصحراوي جوابا لأسئلته التي تدق داخل رأسه كما يدق نقار خشب في جذع شجرة. لم يجد بدّا من الانخراط الصامت المتواطئ لتزويج أخته من رجل ابنه البكر بعمرها..

أقيم العرس، كما تقام أعراس الجنوب، سبعة أيام بلياليها، تتعاقب فرق أعواد وأحواش وأقلال، ذبح العجل، أقيمت الولائم لأهل الدوار والقبيلة، أحضر العريس الهدايا والمتطلبات، أقراط ودمالج وأساور فضة، أثواب ومناديل وأحزمة ونعال وكل ماتتمنى كل عروس.. ليالي حناء وشدو وغناء نسائي، مصحوبة بكؤوس الشاي وحبات اللوز وبعض الحلويات البسيطة المجلوبة من ورززات..

أوهم الصحراوي نفسه بسعادته لتزويج أخته، تظاهر بالضحك والتسامر وسط جموع الأقران والأهالي القادمين من الراشيدية ولمحاميد وتنغير وحتى من البيضاء وخارج البلد من أوروبا. لمح حبيبته السابقة " إيجو"، تخترق باب البيت وتلج بهو النساء بالفناء الفسيح لبيتهم الطيني، دق قلبه وخفق بشدة حين تذكر، أنها زوجت، غصبا عنه وعنها، لرجل من أبناء عمومتها، أكبر منها بكثير، وهي بسن أخته، وقد أصبحت الآن، أما لطفلين..

انخطف لبّه لذكرى الحب الصامت الممنوع المقموع بينهما، والذي تحديا حراسه بقبلات وعناق هائج وسط الجنائن، حين كان الكبار يخلدون لنوم القيلولة، عند اشتداد حرّ الهجيرة، ففي الصيف، لاتخرج حتى الطيور والعقارب من مخابيء ظلها ورطوبتها فمابالك بالبشر..

تذكر كل ذلك، فلم يحس بالفرح، بل انقبضت نفسه وطاله غم غير مفهوم، شيء ما سيحدث لأخته، لم يستطع تفسيره، خاطب نفسه، وهو يعدل جلبابه الأبيض وعمامته الصفراء :

-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم !!!




إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. ما هو السبب الذي جعل العريس يقتل عروسته الصغيرة ليلة دخلتها ؟
    هل لأنه اكتشف جفافا في دم بكارتها الصغيرة ؟ أم أن وتده الضخم مزق مهبلها؟

    ردحذف