أين الله؟
تتعالى أصوات التوسل والدعاء، تصل لسمعي بل تخترقني كرصاصة مسددة نحوي، مرضى وجوعى ويتامى وفقراء وأرامل ومغتصبون وعالقون بين ضفة الوطن الواطئة وضفة الهجرة المنقذة، أطفال ومراهقون وشباب وشيوخ، ذكور وإناث، كلهم من بلدي، رسائلهم اليومية تغرقني في الكآبة والحزن والكمد.
رسائل أخطأت طريقها ووصلت لعلبتي بدل أن تصل لعلبة رسائل الله.
هل لله عنوان بريدي يبعث له هؤلاء المهمشون طلباتهم ونداءات استغاثاتهم وتفاصيل حيواتهم البئيسة المحبطة الغارقة في الحاجة وضيق ذات اليد؟
لماذا لايوجد حساب إلكتروني لله على الواتساب أو المسنجر، يستقبل فيه شكاوى عبيده فيعالج المريض ويغني الفقير ويبريء المعاق وينصف المظلوم؟؟
لمَ يتركني الله عرضة لكل هذا الحزن والكآبة بسبب أبناء وبنات وطني ؟ لمَ لايفتح حسابا بنكيا باسمه يبعث به حوالة شهرية لسكان الجنوب المهمشين وسكان الشمال المكروهين من طرف الحكام؟
أينكَ يا الله؟ هل تسمع بكاء عبيدك الذين يتزاحمون بالمساجد بليالي رمضان وببيتك الحرام خلال ذي الحجة؟
هل أنت موجود؟ إذن دُلّني على عنوانك ورقم هاتفك حتى أنشره على صفحتي بل أضعه مكان صورة بروفايلي وأكتب عليه:
"هذا عنوان الله ورقمه، اتصلوا به إخوتي الفقراء من المغرب وكفّوا عن إغراق علبة رسائلي في بحور دموعكم وحرماني من النوم بسبب شهيق بكاءكم"
أنتَ تعرف،جيدا، أيها الله، بأنك مجرد فكرة في عواطف ووجدان من يؤمنون بك، سواء كنت إلهًا للمسلمين أو المسيحيين أو اليهود أو غيرهم من المؤمنين بك، وتعرف أكثر مني ومنهم، أنك تتخذ أشكالًا متعددة لتمظهرك: فأنت الواحد والروح القدس والرب والبقرة وبوذا وآلاف الأشكال والمسميات والمجسمات، لكنّك تترك عبيدك من المغاربة يطرقون باب علبتي بدا أن يطرقوا علبتك وبابك..
هل أنتَ هنا؟ ولو كنتَ هنا، لمَ تترك كل هؤلاء الذين يصلّون لك ويسبحون بحمدك وراء أئمّة يمجدون الحكام ويخطبون بأوامرهم، يأتون إليّ، أنا الملحدة الكافرة بك النافرة من فكرة وجودك والساخرة من كل الذين يعتقدون في وجودك وقوتك وجبروتك وعدلك ورحمتك؟
أين أنتَ من الفقر والمرض والجوع والبطالة والفساد والنهب والظلم والدكتاتورية وسجن الأبرياء وفرح المتسلطين بما يفعلون بعبيدك..
لو كنت موجودا، هنا والآن، تقرأ رسالتي، أرجوك كُفّهم عني، فقد تعبت وتعبت من صراخهم وأنينهم في أذني ليل نهار…
إرسال تعليق