دانيال .. قابلت رجلا، مثلك، لديك كل شيء..تقريبا، إلا الحب ودفء الحضن المرافق والحبيبة التي تشاركك قهوة الصباح ونبيذ المساء وهواياتك المتعددة في الغطس وركوب الدراجة والجري والتزحلق، ونقاش السياسة وأوضاع البلد الأزرق …إلا أنك وحيد كطائر حمام لاتستطيع العيش بدون أنثى تدفيء وجودك ..
دانيال، ذهبت زوجته بعيدًا وكبر ابنهما الوحيد ورحل نحو عشه، بينما بقي هو بكامل صحته وعنفوانه وشغفه، يصول ويجول وحيدا في منزله الكبير الواسع ذي الغرف العديدة والحديقة الكبيرة..
قال لي، بأن ماحرك لديه الرغبة مؤخرا، في معاودة البحث عن شريكة، هو سفره الأخير نحو جزر المارتنيك، على ظهر يخت صديقه المقرب وحبيبته، قال لي بأنه رغم ساعات الغطس اللذيذة والجو الساحر والسمك اللذيذ، أحس بعزلة كبيرة جدا، حين كان يراهما متعانقين أمام غروب الشمس على الساحل..
كنت أستمع إليه، وأنا أحس بهول الفجوة بيننا، اعتقد هو بأن كل شيء يجمعنا فكريا، حبه للتاريخ وقراءته له، وكتاباتي الثائرة والمنتفضة على الفايسبوك ( الفرنسي)..بينما كنت أغوص، كما يغوص هو في عمق الأنهار والبحار، في هوة هذه الفوارق بيننا..
هو رآى التقارب وأنا التقيت، كعادتي المتشائمة والواقعية، كل أسباب التباعد..
دعاني للعشاء في مطعم برتغالي جميل، على الشط، رفض مشاركتي له في الفاتورة، أمسكنا بأيدي بعضنا ونحن نتجول على شطّ قناة "لاشين" في الضفة الجنوبية على جزيرة مونتريال..
لم يكن يعلم، السيد دانيال اللطيف، بأنه يمسك بيد بيد امرأة ، كل شيء محترق ومتفحم ومفتت بداخلها، رغم ضحكتي المجلجلة وعيوني التي خدعته فحسبني لاتينية..
الهوة بيننا، يادانيال، عميقة ومخيفة، عمق الوادي العظيم، سان لوران ، فأنت ابن الحرية والحق والعدالة والمدرسة الحديثة والتربية البدنية والتعليم الأولي واحترام الدولة لك وتقديسها لشخصك، وأنا ابنة العنف والكراهية والمهانة والبلد " المسخوط" الذي يطرد أبناءه وبناته المخلصين العاشقين نحو بلدك، يطلبون الحماية. والعيش بسلام وأمان..
أنت لاتعرف ، أنك لن تقدر على معانقتي والالتصاق بي عند النوم، كما أخبرتني، ليس لأني أشخر، بل لأني أصرخ من شدة الكوابيس التي لازالت تزورني حاملة إلي مشهد أختي وهي تضع السكين حول عنقي بينما زوجها يجثم على جسدي ليكبله كما يكبل الجزار ومساعدوه كبش العيد ليذبحوه..
دانيال، أنت لاتدري، بأنك تراهن على فرس متعبة وتعيسة في الحب، حب بلدها أولها وعشق رجاله الذين تخلى عنها آخرهم في محنتها، فلاتراهن على الحب معي، فقد جئت لبلدك لأموت باطمئنان لا أن أحيا بعيدًا عن بلدي، أنا امرأة تحيا في جثة وخراب يمشي ويلتقي بالآخرين، يعمل، يأكل، يشتهي، يضاجع، يكتب ويتكلم ويحاول فقط، أن يعيش بلاعقاقير تسكن هواجسه وتضمد جراحاته وتسكن آلامه..
لقد جئنا، يادانيال، من عالمين متباعدين، بُعد معنى الحرية عن العبودية، وبُعد دلالة المواطن عن دلالة الرعية. ولو حدث وجمعنا فراشك الوثير وبيتك الواسع وحديقتك الجميلة، فلن أكون إلا كطيف حزين يلبس غلالة فرح لحظي، زائف وعابر..
أحسست بنوع من التشاؤم الذي لم اعهده فيك أنت قوية وستظلين كذلك تحاربين كل كهنة الموت والظلام دمت أميرتي سعيدة ومتألقة
ردحذفBe positive,Mina .i like to call you so Mina because you are rebilious but Izza
ردحذف. IS just a ghost figure seeking Asylum
Just close your eyes and jump in love ❣️
رائع ما تكتبين السيدة ايزة.. تعبيرك صادق ومعبر. تبا لكل من ساهم من قريب او بعيد على معاناتك والتي خلقت منك امرأة قوية ومقاومة. استمتعي بالحياة. فكم من غريب في وطنه وكم من مستأنس في اوطان غيره.. ادرك جيدا ان وقع المعانات مؤلم:
ردحذف"ولظلم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة على المرء من وقع الحسام المهند". لكن قدرتك على التعبير بالكتابة دليل على قوتك.. كل التقدير والاحترام لك سيدتي.
استفتي قلبك عزيزتي ودعي الحب يتسلل إليه عبر الشغاف ربما أهداه هذا القديس دانيال جرعة عشق شافية
ردحذفلك الحب ايزا تيليلا