لاجئة

نعمة خرف الشيخوخة في مواجهة الحرب

 بالطابق الأول من إقامة المسنين، حيث أشتغل حاليا، أثارت انتباهي نجمة داوود متوسطة الحجم، معلقة على باب غرفة أحد النزلاء، لم أعرف هل هو رجل أم امرأة، لأني لاأشتغل سوى بالطابق الثالث..

كنت أحمل كمية من الفوط والمناشف، أحضرتها من المغسلة لأصعدبها نحو الوحدة حيث أشتغل ذاك اليوم..

صعدت الدرج حائرة، ومن تلفاز الصالون حيث يقتعد عدد من المسنين كراسٍ هزّازة، تذيع قناة TVA الأخبار تلو الأخبار عن حرب إسراييل وح.م.اس..

ألف سؤال وسؤال ينهش رأسي المملوء الآن بميكانيكية الأعباء التي أحاول إتقانها في خدمة  النزلاء مع الانضباط الأجود لتعاليم المؤسسة المشغلة وقوانين هذه المهنة، منها ماتدربت عليه بأيام قليلة ومنها ماأكتسبه بالممارسة..

ألف سؤال محير عن نجمة داوود على باب مسنّ أو مسنة ذاهب للموت دون حرب ودون معرفة حتى مايجري أو فهمه أو إدراكه، إذ تصبح الحياة وتمسي لدى هؤلاء المسنين، مجرد صعوبة كبرى وألم متواصل وخواء من كل معنى، تتلخص حياتهم الطويلة العريضة والحافلة في نجمة يهودية متبثة على باب غرفة بئيسة مهما كانت نظيفة ومرتبة وزاهية بنور الشمس والكهرباء وصور الأولاد والأحفاد والأمجاد الحياتية السابقة.

لامعنى للحرب لدى هذا العدد من كبار السن، لامعنى في وجودهم الهش الطويل لما يقع خارجها ذواتهم، بل حتى مايقع بين أفخاذهم المترهلة من تبول وتغوط، لاعلم لهم بموت آلاف الفلسطنيين الأبرياء ولا الإسراىىليين المحتلين،تتحدث الأخبار وتتوالى التحليلات، ينظرون نحو التلفاز  وكأنهم في عالم آخر غير الحاضر، مشدودونفقط لغريزة البقاء  ضدا في الموت اللعين الذي يراودهام ببطء مميت بينما يحصد بسرعةخائنة أرواح الأطفال هناك بفلسطين  وإسراىىل وأوكرانيا بالحرب وإفريقيا بالجوع والمرض..


فهل هي نعمة، أن يتملك الخرف والزهايمر وأمراض الشيخوخة  وجودنا فنعمر طويلا حتى نعود لبدايات طفولتنا، ونمد أصبعًا شامتا للعالم بكل مآسيه وأوجاعه  فلاتوجعنا أو تؤلمنا أو تنال منا كما تنال منا الأشياء البسيطة اليومية التي تتحول إلى انتصار كبير؟؟؟

إرسال تعليق

إرسال تعليق